كتاب: قوت المغتذي على جامع الترمذي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: قوت المغتذي على جامع الترمذي



957- [3510] «إذا مَرَرْتُمْ بِرياضِ الجنَّةِ فَارْتَعُوا». قال في النهاية: أراد برياض الجنة، ذِكرَ الله وشبَّه الخوض فيه بالرَّتع في الخِصْب.
«حِلَقُ الذِّكْرِ» قال في النهاية: بكسر الحاء وفتح اللام: جمع حلقة مثل قَصْعَة وقِصَع، وَهي جماعة من الناس. يستديرون كحَلْقة الباب وَغيره.
قال الجوهري: جمع الحَلقة حَلَق، بفتح الحاء على غير قياس وعن أبي عمران الواحد حَلَقه بالتحريك، والجمع حَلَق بالفتح.
958- [3511] «فليقل إِنَّا لله وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ». قال الرافعي في تاريخ قزوين: كلمة إنَّا لله إقرار بأنه المالك يفعَل في ملكه ما يشاء.
«وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ» إقرار إليه بالفناء، والبعث، وقيل: معناه نرجع إليه ليكشف عنا مَا أصَابنا.
«فأجُرْني فيهَا» بالقصر وضم الجيم قال الرافعي: يقال: آجره الله، يأجره، أي أثابه، والأجر، الثواب. وذكر بعضهم أنه يقال آجره بالمد أيضًا بهذا المعنى، وأن الأصمعي أنكره، فإن جوّز، فيجوز، أجرني، بالمد، وَأما من الأول فتسكن الهمزة، وتضم الجيم.
959- [3516] «اللهم خِرْ لِي واخْتَرْ لِي» أي اختر لي أصلح الأمرين، واجعل لي الخيرة فيه.
960- [3517] «الوضوء شطر الإيمان». قال النووي: أصل الشطر النصف، قيل معناه أن الأجر في الوضوء ينتهي إلى نصف أجر الإيمان، وقيل المراد بالإيمان الصلاة، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} والطهارة شرط في صحتها فصارت كالشطر، وليس بلازم في الشطر أن يكون نصفًا حقيقيًا.
«وسبحان الله، والحمد لله تملآن، أو تملأ». ضبط بالمثناة من فوق، فالأول: ظاهر، وَالثاني: فيها ضمير الجملة.
«ما بين السموات والأرض». أي لو قدر ثوابهما جسْما لملأ ذلك.
«والصَّلاة نورٌ». أي تمنع من المعَاصي وتنهي عن الفحشاء، والمنكر، وتهدي للصَواب كالنور، وقيل: أراد بالنور الأمر الذي يهتدي به صاحبه يوم القيامَة.
«والصدقة برهان». أي دليل على إيمان فاعلها.
«وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ». أي الصبر على طاعة الله، وعلى اجتناب معَاصِيه وعلى النائبات، والمكاره. لا يزال صَاحبه مستضيئًا مهتديًا مستمرًا على الصواب.
«والْقرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أوْ عَليْكَ». معناه أنه ينتفع به إن تلاه وَعمل به وإلا فهو وبال عليْه.
«كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسهُ فَمُعْتقُهَا، أَوْ موبِقُهَا». معناه كل إنسان يَسْعى بنفسِه فمنهُم من يبيعهَا من الله بطاعته فيعتقهَا، ومنهم يبيعهَا من الشيطان والهوَى فيهلكهَا، قال الطيبي: كل الناس يغدو مجمل والفاء في قوله: فبائع؛ تفصيلية، وفي قوله: فمعتقهَا سببيّة.
وقال الأشرفي: بائع نفسه خبر، أي هو يشتري نفسه، بدليل قوله: فمعتقهَا، وَالإعتاق إنما يكون من المشتري، وَهو محذوف المبتدأ فإنه يحذف كثيرًا بعْد إلغاء الجزائيّة، وقوله: «فمعتقها» خبر بعْد الخبر، وَيجوز أن يكون بدل بعض من قولهِ فبائع نفسه.
961- [3519] «التَّسْبيحُ نِصفُ الْمِيزانِ، والحَمْد لله يَمْلَؤُهُ»
قال الطيبي فيه وجهان: أحدهما أن يراد التسوية بين التسبيح والتحميد بأن كل وَاحد منهما يأخذ نصف الميزان، فيملآن الميزان معًا، وذلك لأن الأذكار التي هي أم العبادات البدنية، والغرض الأصْلي من شرعهَا ينحصر في نوعين: أحدهما: التنزيه، وَالآخر التمجيد. والتسبيح يستوعب القسم الأول، والتحميد يتضمّن القسْم الثاني.
وَثانيهما أن المراد بيَان تفضِيل الحمد على التسبيح، وَأن ثوابه ضِعف ثواب التسْبيح لأن التسْبيح نصف الميزان والحمد لله وحده تملآن لأن الحمد المطلق إنما يستحقه من كان يتبرأ عن النقائص منعُوتًا بنعوت الجلال، وَصِفات الإكرام فيكون الحمد شاملاً للأمرين، وَأعلى القسمين حتى تخلص إليه، أي تصِل.
«وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصّبْرِ، والطُّهُورُ نِصْفِ الإيمانِ». قالَ في النهاية: لأن الإيمان يطهر نجاسَة الباطن، وَالطهور يطهر نجاسة الظاهر.
962- [3520] «وَلَكَ رَبِّ تُرَاثي». قال في النهايهَ: هو ما يُخَلِّفه الرّجُل لوَرَثتِه، والتاء فيه بدَل من الواو قلت: كأنه يريد أنه لا يورث، وأن ما يخلفه صَدقة لله.
963- [3522] «إلاّ وَقَلْبُه يَيْنَ أُصْبُعينِ من أصَابِع الله تعَالى».
قال في النهاية: الأصابع: جمع أصبع، وَهي الجَارحةُ. وذلك من صفات الأجسَام، تعالى الله عن ذلك وتقدّس. وَإطلاقُهَا عليه مجازٌ، كإطلاق اليدِ، وَاليمينِ، والعَينِ والسّمع، وَهو جاري مَجْرى التمثيل، والكِنايَة عن سُرْعَة تَقَلَّب القُلُوب، وإن ذلك أمرٌ معقُود بمشيئةِ الله تعالى، وتخصِيصُ ذكر الأصابع كِنايَةٌ عن إجراء القُدْرَة، والبَطْشِ؛ لأن ذلك باليَدِ، وَالأصَابعُ أجزاؤُهَا.
964- [3523] «وَرَبَّ الشَّياطينِ وَمَا أضَلَّتْ». كان الأصل، وما أضلوا لكن رُوعي أظلت، وأقلت، للازدواج.
965- [3524] «إذا كَرَبهُ أمْر». أي أصابه كرب بسَببه.
966- [3524] «ألِظُّوا بِيَاذا الْجَلالِ وَالإكْرَامِ». أي الزمُوه، وَاثبتوا عليه، وأكثروا من قوله، والتلفظ به في دعائكم.
967- [3529] «وأَنْ أقْتَرِفَ». أي أكسب.
968- [3534] حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن الجلاح أبي كثير، عن أبي عبد الرحمن الحلبي، عن عمارة بن شبيب السبَائي، قال: قالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قالَ: لا إله إلاّ الله وَحْدهُ لاَ شَرِيكَ لهُ لهُ الْمُلْكُ، وَلهُ الْحمدُ يُحييْ، وَيُميتُ، وَهو على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ إثْرِ الْمَغْرِبِ بَعثَ الله لهُ مَسْلَحةً يَحْفَظُونهُ من الشِّيَاطينِ حتى يصبحَ وكتب له بهَا عشر حسَنات موجبَات، ومحى عنه عشر سيئات موبقات، وَكَانتْ لهُ تعدلُ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤمِناتٍ».
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سَعد وَلا نعرف لعمارة بن شبيب سَماعا من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: أخرجه ابن أبي الدنيَا في كتاب الدعاء بزيادَة في سَنده، ومتنه، قال: أخبرت عن أبي عبيد الله ابن أخي ابن وَهب، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث عن الجلاح، أن أبا عبد الرحمن المغافري حدثه عن عمار السبائي أن رجلاً من الأنصَار حدثه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من قالَ بعد المَغْرِبِ، أو الصبح لاَ إلهَ إلاّ الله وَحْدهُ لا شَرِيكَ لهُ، لهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحمدُ، يُحْيي، وَيُميتُ، وهو على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَعَثَ الله لهُ مَسْلَحةً يَحرسُونهُ حتى يَصْبِح، أو من حين يُصْبِح حتى يُمسي، وكتب الله له بهَا عَشْرَ حَسنات موجبَات، ومحي عَنْهُ عَشَر سَيئاتٍ موجبَات».
قال الحافظ ابن حجر في الإصَابَة: عمارة بن شبيب السبَائي؛ بفتح المهملة، وَالموحدة وَهمزة مكسُورَة مقصُورَة، مختلف في صحبته وَقيل: عمار، قال ابن السكن له صحبة، وقال ابن يونس: حديثه معلول، وَبين البخاري علته في تاريخه، وذكره في الصحَابَة، وقال ابن حبان: من قال أن له صحبَة فقد وَهم، قَال أبو عمر مَات سنة خمسين، وقال ابن أبي حاتم، قلت لأبي: له صحبَة، قال: مَا أدري، كتبناه على الظن في الوحدان، وصحف ابن فتحون اسم أبيه، فقال: عمارة بن حبيب، وصحفه أبو علي البكري، فقال: عمَارة بن ثُبَيْت، بمثلثه ثم موحدة مصغر، وَآخره مثناة، وَهو تصحِيف أيضًا، والصواب شبيب بالمعجمة، انتهى.
«بَعثَ الله لهُ مَسْلَحةً». هم القوم الذين يحفظون الثغور من العدو، سمّوا مَسْلحة، لأنهم يكونون ذوي سلاح.
969- [3536] «بِصَوْتٍ جَهُوريٍّ». أي شديد عال والواو زائدة، وهو منسوب إلى جَهور بصوته.
«هَاؤُمُ».
«جِلْفٍ». هو الأحمق.
970- [3537] «ما لم يُغَرْغِر». أي ما لم تبلغ روحه حلقومه، فيكون منزلة الشيء الذي يتغرغر به المريض.
971- [3540] «بِقُرابِ الأرْضِ». قال في النهاية: أي بما يُقارِب مَلأَهَا، وهو مصدر: قارب، يُقارِب.
972- [3543] «إنَّ رَحْمتي تَغْلِبُ غَضَبي». قال في النهاية: هو إشارَة إلى سعَة الرحمة، وشمولها الخلق، كما يقال: غلب على فلان الكرم؛ أي هو أكثر خصَاله، وإلا فرحمة الله، وغضبه صفتان راجعتان إلى إرادته الثواب، والعقاب، وصفاته لا توصف بقلبة إحداهما الأخرى، وإنما هو على سبيل المجَاز للمبالغة.
973- [3545] «رَغِمَ أنفُ رَجُلٍ». أي ذل، وعجز.
974- [3548] «إنَّ الدّعاءَ يَنْفعُ مِمَّا نَزلَ، ومِمَّا لم يَنْزلْ». قال التوربشتي: أما نفعه فصَبره عليه، وتحمله لهُ، ورضاه به حتى لا يكون هريرة.
في نزوله متمنيا خلاف مَا كان، وَأما نفعه مما لم ينزل فهو أن يصرفه عنه، أو يمدّهُ قبل النزول بتأييد من عنده حتى يَخف معَه أعبَاء ذلك إذا نزل به.
97- [3549] «عَلَيْكُمْ بِقِيامِ اللّيْلِ فَإنَّهُ دَأْبُ الصّالِحينَ». قال في النهاية: الدَأْبُ: العادةُ والشَّأنُ، وقد يُحرَّك، وأصله من دَأب فِي العَملِ إذا جَدَّ وتَعِب، إلاَّ أنّ العَرب حَوَّلَت مَعْنَاهُ إلى العَادَةِ، والشأنِ.
«قَبْلَكُمْ». قال الطيبي: أي هي عبَادة قديمَة واظب عليَها الأنبيَاء، والأولياء السابقون.
«وَمَنْهاةٌ عن الإثْمِ». قال في النهاية: أي حالةٌ عَن الإثم، وهي مَكانٌ مُخْتصٌّ بذلك. وهي مغفلة من النَّهي، وَالميم زائدة.
«ومَطْرَدَةُ لِلدَّاءِ عن الْجَسدِ». قال في النهاية: أي أنها حالةٌ من شَأْنها إبعَادُ الدَّاء، أو مكانٌ مختص به ويعرف، وَهوَ مَفْعَلة من الطَّرد.
وَقال الموفق عبد اللطيف البغدادي: ومُكفَرةٌ لِلسَّيئَاتِ قال البيضاوي: أي خصلة تكفر سيّئاتكم.
978- [3551] «وَامُكُر لي، وَلا تَمْكر عَليَّ»؛ قال في النهاية: مَكْرُ الله إيقاِعُ بَلائه بأعدَائه دون أوليائه. وَقيل: هو اسْتِدْرَاج العبد بالطاعَاتِ، فيَتَوَهَّم أنها مقبُولةٌ، وَهيَ مردودةٌ. والمعنى ألْحِقْ مَكرَك بأعدائي لا بي. وأصلُ المَكْرُ: الخِدَاعُ.
«مخْبِتًا». قال في النهاية: أي خاشعًا مُطيعًا، والإخْبَاتُ: الخُشوع، والتَّواضُع، وقد أخْبتَ لله يُخْبِتُ.
«أوَّاهًا». قال في النهاية: الأوّاه: المتأوّه المُتَضرّع. وقيل هو الكثير البكاء. وقيل الكثير الدُعاء.
«مُنِيبًا». قال في النهاية: الإنابة: الرجوع إلى الله تعَالى بالتَّوبَة، يقال: أناب، يُنيب، إنَابَةً فهو منيب إذا أقبل ورجع.
«وَاغْسلْ حَوْبَتي». أي إثمي.
«وَثبِّتْ حُجَّتي». قال في النهاية: أي قَوْلي، وتصديقي في الدُّنيا وعنْد جواب الملَكَيْن في القَبْر.
«وَاسْلُلْ سَخِيمةَ صَدْرِي». قال في النهاية: هي الحقد في النفس.
979- [3553] «عِدْلَ أرْبعِ رِقابٍ من وَلَدِ إسْماعِيلَ». قال الطيبي: «من ولد» صفة رقاب، المعنى حصَل له من الثواب مثل مَا لو اشترى من أولاد إسْمعِيل وأعتقهُم، وإنما خصْهُ لأنه أشرَف الناس.
وفي النهايَة: العِدْل بالكسر وبالفتح. وهما بمعنى المِثْل. وَقيْل: بالفتح مَا عدَلَه من جنْسِه، وبالكسْر مَا ليسَ من جنْسِه. وَقيل بالعَكس.
980- [3556] «إن الله حيي كريم، يسْتحي إذا رفع الرجل إليه يَديه أن يردهما صِفرا». أي خاليين.
981- [3557] «أحد، أحد». قال في النهاية: أي أشار بإصبع وَاحدة لأن الذي تدعُو إليه وَاحد، وِهو الله تعَالى.
982- [3559] «مَا أصَرَّ من اسْتَغْمْر». قال في النهاية: أصرَّ على الشيء، يُصِرُّ، إصْرَارًا إذا لزِمه، ودَاوَم عليه وثبت عليه. وَأكثر مَا يُسْتَعْمَل في الشرِّ والذنوب، يعني من أَتْبَع الذنب بالاستغفارِ فليس بمُصِرٍّ عليه، وإن تكرر منه.
«ولو فعَله في اليَوْمِ سَبْعينَ مَرَّةً». قال البيهقي في شعب الإيمان: قال الشيخ أبو بكر محمد بن علي الشاشي: المراد بالسبعين هنا الكثرة، لا عدد السبعين بعينه.
«كَانَ في كَنْفِ اللهِ»: أي في ظل رَحمته.
983- [3563] «لَو كَانَ عَليْكَ مِثْلُ جَبلِ صِيرٍ». وفي نسْخة صبرٍ وصوب الأول، قال في النهاية: هذه الكلمة جاءت في حَدِيثين لِيَعلى، ومعَاذ: أمَّا عليّ فهو صير، وهو جبل لِطَيئ، وَأما معَاذ، فصبِيرٍ، وَهو اسم جَبَل باليَمَن كذا كذا فرق بينهما بعضهم.
984- [3565] «لا يُغَادرُ». أي لا يترك.
985- [3567] «مِن أرْذَلِ العُمرِ». أي آخره في حال الكبر، والعجز، وَالخوف.
986- [3570] حدثثا أحمد بن الحسَن، حدثثا سُليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا الوليد بن مُسْلم، حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رَباح، وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قال: «بَيْنما نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذْ جَاءهُ عَليُّ بن أبي طَالِبٍ، فقال: أنت بأبي، وأُمِّي لقد تَفلَّتَ هذا القُرْآن من صَدْري».
الحديث، هذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضُوعات.
987- [3571] «سَلوا الله من فَضْلِه فَإنَّ الله يُحبُّ أنْ يُسألَ، وَأفْضلُ العِبَادَةِ انْتظارُ الفَرَجِ». قال المظهري: يعني إذا نزل بأحد بَلاء فترك الشكايَة، وَصبر، وَانتظر الفرج فذلك أفضل العبَادات، لأن الصّبر في البلاء انقيَاد لقضاء الله وإنما استتبع انتظار الفرج.
قوله: «يحب أن يسأل» لأن المراد بقوله: سلوا الله من فضله ادعُوا الله لإذهاب البلاء، والحزن، وانتظروا الفرج، ولا تستعجلوا في طلب إجابة الدُعاء.
988- [3573] «إذًا نُكْثر، قال: الله أكْثرُ». قال الطيبي: أي أكثر إجابَة مِن دعائكم، المعنى إن إجابة الله في بابهَا أكثر، وأبلغ من دعائكم في بابه وهو قريب من قولهم: العسل أحلى من الخل، والصيف أحر من الشتاء، وإنما قال أكثر بالثاء المثلثة مشاكلة لقول: نكثر.
989- [3577] «أستَغْفِرُ الله العظيم الّذِي لا إلهَ إلا هو الحيُّ القَيُّومُ». قال الطيبي: يجوز في الحي القيوم النصب، صفة الله تعالى أو مدحًا، وَالرفع بدلاً من الضّمير، أو خبر مبتدأ محذوف على المدح.
«من الزَّحف». هو الجيش الدهم الذي يرى لكثرته كأنه يزحف، أي يدب، دبيبًا.
990- [3579] «أقْرَب مَا يكُون الرَّب من العَبْدِ في جَوْفِ الليْلِ الآخرِ». قال الطيبي: الآخر: صفة لجوف الليل، على أن ينصف الليل ويجعل لكل نصف جوف، والقرب يحصُل في جوف النصْف الثاني، فابتداؤه يكون من الثلث الآخر، وَهو وقت القيام للتهجّد. قال: وقوله: «في جوف الليل» يحتمل أن حالاً من الرب؛ أي قائلاً في جوف الليل: «من يدعوني فأستجيب له» سَدت مسَدّ الخبر، أو من العَبْد أي قائما في جوف الليل داعيًا، مستغفرًا على نحو قولك ضربني زيدًا قائمًا، ويحتمل أن يكون خبرًا الأقرب.
فإن قلت مَا الفرق بين قوله في هذا الحديث: «أقْرَبُ مَا يكُوُن الرَّب من العَبْدِ» وفي الحديث الآخر: «أقرب مَا يكون العبد من ربه وَهو سَاجد». قلت: رحمة الله سابقة، فقرب رَحمة الله من المحسنين سَابق على إحسَانهم، فإذا سجدُوا قربوا من ربهم بإحسَانهم، كما قال تعَالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} وَفيه أن توفيق الله، وَلطفه، وإحسَانه سَابق على عمل العَبْد، وسبَب له، وَلولاه لم يصْدر من العَبْد خير قط. وَفي قوله: «فإن اسْتَطَعْتَ» إشارة إلى تعظيم شأن الذكر، وتفخيمه، وفوز من يستعد به، وَمن ثمّ قالَ: «أنْ تكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ الله» أي تنخرط في زمرة الذاكرين الله، ويكُون لك مسَاهمة فيهم وَهو أبلغ مما لو قيل: إن استطعت أن تكون ذاكرًا.
«عن أمه حُمَيْضَةَ». بضم الحاء المهملة، وفتح الميم، وَالضاد المعجمة بينهما تحتِية ساكنة.
«عنْ جدتها يُسَيْرة». بمثناة تحتية مصغر.
991- [3583] «عَليْكُنَّ بالتَّسْبيح، والتَّهْليل وَالتّقْديسِ». قال الحكيم، في نوادره: التهليَل هو التوحيد والتقديس، التنزيه، وَهو التطهير، قالَ: والفرق بينه وبين التسْبيح، أن التسْبيح للأسْماء، والتقديس للآلاء وكلاهُما يؤدّيان إلى الطهر.
992- [3585] «خيْرٌ الدُّعَاءِ، دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ». قال الطيبي: الإضافة فيه أن يكون بمعنى اللام أي دعاءً خصّ بذلك اليوم، وَقوله: «وَخَيْرُ مَا قُلْتَ» بمعنى خير مَا دعوت، بيَان له، فالدعاء له؛ قوله: «لا إلهَ إلا الله...» إلى آخره. فإن قيل هُوَ ذكرٌ ليس بدعاء، أجيب بوجهين: أحدهما: أنه على سَبيل التعريض تجنبًا من التصْريح مُراعاة للأدب، وقد قيل لسُفيان هذا الثناء، فأين الدعاء فأنشد قول أمية بن أبي الصلت:
إذا أثنى عليك المرء يومًا ** كفاه من تعرضه الثناء

والثاني: الاشتغال بخدمة المولى، والإعراض عن الطلب اعتماد على كرمه فإنه لا يضيع أجر المحسنين، والفرق بين الوجهَين أن الذاكر في الأولى وإن لم يصَرّح بالطلب فهو طالب بما هو أبلغ من التصْريح بخلاف الثاني. انتهى.
وروى البيهقي في شعب الإيمان من طريق يعقُوب بن سُفيان قالَ: حدثنا الحسين بن الحسَن المروزي قال: سألت سُفيان بن عيينة عن تفسير قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أكثر دعائي، ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله وَحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وَهو على كل شيء قدير» وإنما هو ذكر ليس فيه دعاء، قال سُفيان: تعرف حديث منصور عن مَالك بن الحارث: يقول الله تبارك وتعَالى: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مَا أعطي السائلين» قلت: نعَم، قال: ذاك تفسير هذا، ثم قال: أتدري ما قال أمية بن أبي الصلت حين أتى ابن جدعان يطلب نائله، ومعروفه؟ قلت: لا، قال: لما أتاه قال:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ** ثناؤك إن شيمتك الحياء

إذا أثنى عليك المرء يومًا ** كفاه من تعرضه الثناء

قال سُفيان: هذا مخلوق حين ينسَب إلى الجود قيل يكفيك من تعرضه الثناء عليك حتى تأتي على حاجتنا فكيف بالخالق.
993- [3586] «أسْألُكَ من صَالِحِ مَا تُؤتي النَّاسَ من المَالِ، وَالأهْلِ، وَالوَلدِ». قال الطيبي: منْ- الأولى- زائدة على مذهب الأخفش، (ويجُوز أن تكون بمعنى البعض) ومِنْ- الثانية-: بيان مَا.
وَقوله: «غَيْرِ الضَّالِّ» مجرور بدل من كل وَاحد من المال، والأهل، وَالولد، على سَبيل المبدل، والضال هنا يحتمل أن يكون للنسْبَة أي غير ذي ضلال.
994- [3591] «من مُنْكراتِ الأخْلاقِ، وَالأعْمالِ والأهواءَ».
قال الطيبي: الإضافة في القرينتين الأوليين إضافة الصفة إلى الموصوف، والثالثة: بمعنى، لأن الأهواء كلها منكرة.
995- [3596] «المستهترون في ذكر الله». قال في النهاية: يعني الذين أولعُوا به.
996- [3600] «فُضْلاً». قال في النهاية: أي زائدة عن الملائكة المُرَتَّبين مع الخلائق، ويُروى بسُكون الضاد وضمّهَا، قال بعضهم: والسكون أكثر وأصْوَب، وهما مَصْدر بمعنى الفَضْلة، والزيادة.
«هَلُمُّوا». أي تعالوا، فيحفّون بهم، أي يطوفون بهم ويدُورُون حولهُم.
«هُمُ القَوْمُ لا يَشْقَى لَهُمْ جَلِيسٌ». قال الطيبي: بمعنى أن مجالستهم مؤثرة في الجليس، فإذا لم يكن للجليس نصيب مما أصابهم كان محرومًا فيشقى، فإذًا لا يستقيم وصفًا لقوم بهذه الصفة، ولو قيل هم قوْم يسعد بهم جليسهم لم يكن بهذه الحيثية.
997- [3602] «لِكُلِّ نبيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتجابةٌ». أي في حق أمته، فكل من الأنبياء نالهَا في الدنيَا بإهلاك قومه.
«وَإنِّي اخْتَبَأتُ دَعْوَتِي». أي ادخرتها، وجعلتهَا خبيئة.
«وَهِي نَائِلةٌ». أي واصلة.
«من مَاتَ». في محل النصب على أنه مفعُول نائلة.
«لا يُشْرِكُ بِالله». نصب على الحال من فاعل مَات.
998- [3603] «أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي». قال البيضاوي: يصح إجراء الظن على ظاهِره؛ أي أعامله على حسب ظنه، وأفعل به مَا يتوقعه مني، والمراد الحث على تغليب الرجاء على الخوف وحسن الظن بالله، ويجوز أن يفسّر بالعِلم والمعنى أنا عند يقينه بي وعلمه بأن مصيره إليّ، وحسابه عليّ، وأن ما قضيت له من خير وشرّ فلا مَرد له، «لا مُعطي لما منعت، ولا مَانع لما أعطيت». أي إذا تمكن العبد في مقام التوحيد ورسخ في الإيمان والوثوق بالله تعَالى قرب منه وَرفع دونه الحجاب بحيث إذا دعاه أجاب، وإذا سأله استجاب.
«وَأنا معَهُ حِينَ يَذْكُرني». أي بالتوفيق، والمعُونة أو أسمع ما يقول.
«فإن ذَكَرني في نَفْسِهِ». أي سرًّا أو خفية إخلاصًا، وتجنبًا للرياء.
«ذكَرتُه في نفسِي». أي أُسِرُّ بثوابه على منوال عَمله، وأتولى بنفسِي إثابته لا أَكله إلى أحَد من خلقي.
«وَإنْ ذَكَرني في مَلأٍ ذَكَرتهُ في مَلأٍ خَيْرٍ منْه». أي ملأ من الملائكة المقربين، وأرواح المرسلين، والمراد منه مجازاة العبد بأحسَن مما فعَلهُ وأفضل مما جاء به. انتهى كلام البيضاوي، قال الطيبي: وإنما قيده بقوله، وَأروَاح المرسلين لئلا يسْتدل بهذا الحديث على أن الملائكة أفضل من البشر، على أن المراد من الملأ الملائكة فحسب.
قال: وقوله: «ذَكَرتهُ في نَفْسِي» جاء على سَبيل المشاكلة.
«وَإن اقْتَرَبَ مني شبرًا اقْتَرَبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا» إلى آخره. قال النووي: هذا من أحاديث الصفات ويستحيل إرادَة ظاهِره، ومعناه: من تقرب إلىّ بطاعتي تقربت إليه برحمتي، وَإن زاد، زدته.
999- [3604] «لذعته حُمةٌ». قال في النهاية: هي بالتخفيف: السَمُّ، وَقد تشَدّد، وأنكره الأزهري، ويُطْلَق على إِبْرة العَقْرب للمُجاورَة لأنّ السمَّ منهَا يَخْرج، وأصلُها حَموٌ وحُمَيٌ بوزن صُرَدْ. والهاء فيهَا عوض من الواو المحذوفة والياء.
1000- [3604] «اللَّهُمَّ مَتِّعني بِسمعي، وَبَصري، وَاجْعَلْهما الوارث مِنِّي». ذكر أن المراد بالسمع، والبصر هنا، أبو بكر، وَعمر لقوله في الحديث الآتي، هذان السمع، والبصَر.
1001- [3604] «حتى يْسألَ شِسْعَ نَعْلهِ». هو أحد سيور النعل، وَهو الذي يدخل بين الإصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي هو صَدر النعل المشدود في الزمَام، والزمَام السير الذي يدخل فيه الشسع.